.

كل الأماكن أصبحت لا تطاق، العتمة وحدها تصلح كصديق هادئ ونقي وأمين، وثلاث تفاحات ثابتة على المنضدة تكفي لإقناعي أن شيئاً ما لن يتغير. النوم.. النوم أصبح رد فعل لكل فعل.. كأني أقرر ألا أتفاعل مع أي حدث.. أنا أريد أن أنام فقط.. أنام حتى الشبع تمامًا. حتى استيقظ بانعدام الرغبة في النوم. "أنا عايزة انام لغاية ما أخلّص النوم". أكتب كثيراً هذه الأيام.. أكتب كلاماً غير مترابط عن أفكار مشتتة وأشياء غائمة.. ما لا يصلح حتى أن يكون زبالة ألقي بها هنا. أفكر وأكتب عن الفكرة ذاتها.. عن الفكرة الذابلة. عن الفكرة التي يستردها الله مني فيحرمني من فرحة أن أحررها. الفكرة التي ترافقني في المشي، وتلك التي تفاجئني قبل النوم.. ومابين النوم واليقظة حين يرن هاتفي في الصباح فأغلقه وأبقى مفتوحة العينين مغيبة الوعي متشبثة بحقي في النوم.. رافضة ليوم آخر قاسٍ وممل.. أفكر في الاستلقاء هكذا لنهاية اليوم أطارد الفكرة. أكتب عن ذل الفكرة. وأحياناً "أريد أن أكتب عن سذاجة الفكرة، عن الفكرة العظيمة بسذاجة، أريد أن أكتب عن أصحاب الفكرة، عن أخيها عن أبيها وأمها، أقاربها وحبايبها، أريد أن أكتب عن أبو أم الفكرة". النهايات العادية.. عادية، وقد تحدث لأحدهم في وقت عادي.. لكن الأمر يختف هنا قليلاً لوجود نهايتين، لنتخيل دائرتان.. واحدة كبيرة -تمثل النهاية غير العادية- وداخلها أخرى أصغر -تمثل النهاية العادية. المشكلة في تقلص الدائرة الكبرى بسرعة أكبر من الصغرى فتطبق الأولى على الثانية، وتطبقا الاثنتان عليّ حيث أقف تحديداً في المركز. الجدران الثقيلة لم تعد ترهقني، ولا يهمني تجاوزها الآن. فقط أستند عليها بعد أن تأكدت أن قلبي اتخرم وصار يسرب منه كل المشاعر الهادئة والمجنونة والعادية. أتخيل حجم الخرم، أتصور مشهد دموي، حفرة واسعة محاطة بما تبقى من القلب. في الليل.. أبحث عن صيغة جديدة للوجع.. أفكر في حدائق مهجورة.. أماكن تعرفني جيداً تمر أمامي خالية من الأصدقاء والرحمة.. أُجرب حزناً أزرق.. وأنام دون حواديت.ا
.
.
Miguel Delibesالمجنون رواية للأسباني *


No comments:
Post a Comment